أولى أغانيها الخاصة كانت من ألحان حليم الرومي وكلمات ميشيل عوض، بعنوان: تركت قلبي وطاوعت حبك. عند التحضير لبث الأغنية على الهواء، اقترح حليم الرومي أن تحمل نهاد أحد اسمين كان قد اختارهما لها: شهرزاد أو فيروز. في البداية لم تأخذ الأمر على محمل الجد، لكن أخيراً عملت بنصيحته واختارت اسم: فيروز. بثت الأغنية في الأول من نيسان/أبريل لعام ١٩٥٠. الأغنية الثانية: في جو سحر وجمال كانت باللهجة المصرية، الثالثة: عاشق الورد غنتها مع حليم الرومي كثنائي. تلا ذلك أغنيتي: يا حمام و أحبك مهما أشوف منك، اللتين سوقتا تجارياً في العام ١٩٥٢.
ثم تبع ذلك العديد من الأغاني القصيرة الخفيفة ذات الأهواء المختلفة، خاصة تلك التي اختيرت من قبل حليم الرومي في محاولة منه لتجنب حصر فيروز في نمط غنائي واحد. في العام ١٩٥١، كانت قد غنت أغانٍ من ألحان الرومي، مدحت عاصم، نقولا المني، سليم الحلو، محمد محسن، توفيق الباشا، خالد أبو النصر وآخرين.
كان حليم الرومي متحمساً جداً للموهبة التي اكتشفها لكنه كان كثير الانشغال لأن يعطيها ما تستحق، لذلك اقترح أن يقدم فيروز لعاصي الرحباني، الشرطي، عازف الكمان في الإذاعة والملحن الطموح. رأيها المبدئي كان أنها لا تود التكلم مع عاصي، إذ أنها لم تكن تتوقع الكثير من هذا اللقاء، لكنه نجح في أن يغير رأيها. عاصي من جهته كان رأيه الأولي أن صوت فيروز مناسب لغناء الأغاني الشرقية فقط، وليس مناسباً للأغاني العصرية، والتي كان مهتماً بها. احتج الرومي بقوله أن صوت فيروز غير محدود الإمكانيات، فهو قادر على أداء الأغاني الحديثة كما الأغاني الفلكلورية، وهذا ما سوف تثبته الأيام المقبلة، وسيشهد المستقبل على أنه أكثر صوت في العالم قادر على غناء الموسيقى العصرية. ولقد تحققت نبوءته.
كانت أول أغنية غنتها لعاصي، لما ولمياء، ثنائية غنائية بالاشتراك مع مغنية تدعى حنان. أما أول أغنية خاصة لحنها عاصي لفيروز فكانت غروب من شعر قبلان مكرزل، تلتها ماروشكا، ثم جاءت أغنية سوف تشكل علامة فارقة في تاريخهما الفني، والتي تعتبر فاتحة الاحتراف، هذه الأغنية هي عتاب، أغنية حزينة تقول في مطلعها:
حاجي تعاتبني، يئست من العتاب
ومن كتر ما حمّلتني، هالجسم داب
حاجي تعاتبني، وإذا بدّك تروح ..
روح، روح، روح وأنا قلبي تعوّد عالعذاب
بين ليلة وضحاها، صنعت عتاب من فيروز مطربة كبيرة في العالم العربي. ومن أسباب نجاح هذه الأغنية كانت تجهيزات إذاعة دمشق المتميزة حيث سجلت الأغنية هناك في ١٢ تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٥٢. ثم في وقت لاحق طبعت على اسطوانة في باريس، أغنيتهما الرابعة كانت راجعة. ثم عدة أغان أخرى مثل بلمح ظلال الحب في عيونه، و قوي حبك. ثم تبع تلك المرحلة المبكرة، انضمام منصور الرحباني، الشقيق الأصغر لعاصي، إليهما ليشكلوا الثلاثي الرحباني، والذي استمر ليصنع تاريخاً.
في البداية، انصبت جهودهما بشكل رئيسي في صياغة الألحان الخفيفة الراقصة. في ذلك الوقت، كانت بيروت تستقطب الفرق الفنية الكبيرة القادمة من وراء البحار لتعزف التانغو والرومبا لشريحة واسعة ذات الأهواء الغربية في العاصمة اللبنانية. إحدى هذه الفرق كانت فرقة إدواردو بيانكو الأرجنتينية. أثناء التسجيل في استوديوهات إذاعة الشرق الأدنى، اقترح صبري الشريف الذي كان يدير القسم الموسيقي فيها، أن يتم تنفيذ تجربة غير مسبوقة في الموسيقى الشرقية حتى ذلك الوقت. وهي أن تغني فيروز مع أوركسترا بيانكو ألحاناً وضعت بالأصل لرقصات، مثل "La compersita" وتانغو "la boheme" كان ذلك في الأول من تشرين الأول/أكتوبر ١٩٥١، يوم ذو أهمية خاصة في حياة فيروز والأخوين رحباني، عاصي ومنصور اللذين آمنوا بأنها كانت البداية الحقيقية للأغنية الراقصة في الموسيقى العربية، والتي لم تكن مسبوقة من قبل باستثناء أغاني الملحن المصري مدحت عاصم.
في ذلك الوقت، كانت برامج الإذاعة تبث على الهواء مباشرة، دون أن تسجل. بانتظار أن يأتي دورهما، فيروز وعاصي، ملحنها ومرافقها الدائم، اعتادا على الجلوس تحت شجرة قرب بركة ماء في الفناء الخلفي للاستوديو والدردشة لتمضية الوقت وأحياناً أخرى كانت فيروز تطلق العنان لأحلامها. لم تكن تتوقع مستقبلاً باهراً لنفسها كمطربة. بالأحرى كان حلمها الحقيقي أن تصبح معلمة. كثيراً ما صرحت في مناسبات عديدة بأنها لن تتزوج في حياتها أبداً. فيروز التي نشأت ضمن عائلة تقية، أقرب إلى الزهد في أخلاقها واحتمالها، كانت مثالية بالمقارنة مع الفتيات اللبنانيات من عمرها. الكثير ممن عرفوها أخبروا كيف كانت أثناء الاستراحات غالباً ما تصلي راكعة في مكان ما في جوار الاستوديو.
مرة، أخبرت فيروز عاصي وبشكل عابر، أنها لم تستسغ الطريقة التي اهتم فبها بإحدى الفتيات في المحطة. هذه الملاحظة البريئة لم تذهب سدىً. بينما كانت لا تزال تحتفظ بذلك الرفض العنيد لفكرة الزواج. ولكن في ذلك الربيع من العام ١٩٥٤، وبينما كانا يتمرنان سوية على حافة نفس البركة، تحت نفس الشجرة، كرر عاصي عرضاً كان قد عرضه سابقاً للزواج، هذه المرة ردّت فيروز بالإيجاب.