منذ ظهورها الأول على المسرح أمام الجمهور في العام ١٩٥٧، سافرت فيروز إلى عدة أماكن، كأنها طفلة صغيرة، حيث لم تكن تعرف عنها على ما يبدو إلا من خلال قصص الأجداد. غنت على مدرج فيلادلفيا الأثري في عمان، أيضاً في دمشق، بغداد، الرباط، الجزائر، القاهرة، تونس، كما سافرت إلى ما وراء البحار، حيث التقت بالمهاجرين العرب في ريو دي جانيرو، بيونس آيريس، نيو يورك، سان فرانسيسكو، مونتريال، لندن، باريس، ومدن أخرى عديدة حول العالم. في هذه الرحلات قدمت لفيروز علامات تقليدية من الترحيب، مثل المفاتيح الرمزية للكثير من المدن، ربما كان الأقرب إلى قلبها يبقى المفتاح المصنوع من خشب الزيتون لمدينة القدس. على الرغم من أن فيروز لم تغني للقدس خلال زيارتها للمدينة المقدسة سنة ١٩٦١، إلا أن القدس كان لها الشرف الكبير في العديد من أغانيها منذ حجها هناك.
علاقة فيروز والرحابنة بدمشق جديرة بذكر خاص هنا. دمشق احتضنت الفن الرحباني منذ بداياته. في الوقت الذي حورب في لبنان نفسه، كانت انطلاقة فنهم الحقيقية من دمشق. لم تغني فيروز على مسرح في العالم مثلما غنت على مسرح معرض دمشق الدولي. جميع مسرحياتها قدمت عليه، عدا عن الحفلات الغنائية المستقلة، أواخر كل صيف، كانت دمشق وبردى وقاسيون على موعد متجدد مع الحب والفن. أما من ناحية فيروز والرحابنة فقد بادلوا دمشق هذا الحب العظيم بأن كتبوا ولحنوا عشرات الأغاني للشام، اعترافاً منهم بفضل الشام عليهم، وليس أدل على ذلك إلا قول فيروز: أنا صوتي منك يا بردى، هذه الجملة التي ما زال السوريون يرددونها بشوق غامر إلى تلك الأيام المجيدة من عمر الفن الخالد.